Breaking

الجمعة، 22 فبراير 2019

انقلاب اغسطس 1949 في سوريا.. سامي الحناوي

خلال ثلاث أشهر فقد حسني الزعيم معظم الدعم الشعبي الذي حظي به عند بداية الانقلاب، نتيجة سياسته الخارجية، وتجميد الحياة السياسية الداخلية؛ فضلاً أن تسريح ونقل أعداد كبيرة من الضباط قد جعل علاقته مع المؤسسة العسكرية بحد ذاتها متوترة. وفي فجر يوم 13 أغسطس 1949، قام سامي الحناوي بانقلاب عسكري بثلاث فرق عسكرية، حاصر أولاها تحت قيادته قصر الرئاسة، والثانية حاصرت منزل رئيس الوزراء محسن البرازي والثالثة مقر القيادة العامة للشرطة والجيش. كان العقيد الحناوي عند انقلاب الزعيم برتبة مقدم، وتربطه به علاقة مودة وصداقة، لذلك منحه الزعيم رتبة عقيد كما منحه ثقته إذ سلمه قيادة اللواء الأول في الجيش، والذي يعتبر القوة الضاربة التي يعتمد عليها رئيس الجمهورية.

اعتقل الزعيم إثر الانقلاب، في حين آل الحكم مجددًا لقيادة الجيش، واجتمع في وزارة الدفاع نحو خمسين سياسيًا مع الحناوي للتباحث في المرحلة الانتقالية؛ برر الحناوي أسباب الانقلاب بتبديد الثروة العامة وقمع الشعب وازدراء سلطة القانون واعتبار الزعيم نفسه «ملكًا» على سوريا كما صرح هو بذلك؛ والأسوأ من ذلك حسب رأي الحناوي هو السياسة الخارجية «غير المسؤولة». وقد حوكم الزعيم أمام المجلس الأعلى للحرب محاكمة عسكرية عاجلة وأدين بتهمة الخيانة العظمى وأعدم في اليوم نفسه مع رئيس وزرائه محسن البرازي رميًا بالرصاص، حسب الرواية الرسمية. وحسب بعض الجند الذي شاركوا في إعدام الزعيم أنه كان "هادئًا بشكل مذهل، ومتمالكًا نفسه".هناك رواية أكثر شيوعًا يرويها الملحق العسكري البريطاني في دمشق نقلاً عن قائد الدرك السوري بأن الزعيم لقي حتفه بعد وقت قصير من دخول الانقلابيين إلى القصر الجمهوري، وقد أخبر الرائد أمين أبو عساف قائد فصيل الخيالة في الفرقة الأولى قائد الانقلاب الحناوي بمقتل الزعيم بحضور الملحق العسكري البريطاني. لقد أعطى الحناوي، حسب الرواية،انطباعاً بأنه لم يكن في النية قتل الزعيم، ونتيجة لذلك شكل المجلس الحربي الأعلى ولفق رواية المحاكمة العسكرية وصدور الحكم وتنفيذه.ولعلّ اثنين من الضباط المكلفين باعتقال الزعيم وهما فضل الله منصور وعصام مريود، أعدما الزعيم خلافًا لأوامر قادة الانقلاب، لأتهم من القوميين، حسب هذه الراوية فإن التخطيط للانقلاب بدأ عقب مقتل سعادة مباشرة في شهر يوليو، واستغرق إعداده نحو شهر كامل.

اعترفت معظم الدول المجاورة بشرعية النظام القائم بعد الانقلاب سريعًا، وأرسلت لبنان والأردن «تهانيهما» بالانقلاب، في حين كانت إسبانيا السباقة عالميًا للاعتراف، وعبرت السفارة البريطانية في بيان عن سعادتها إذ قالت بأن "غيمة القمع السوداء التي هيمنت على البلد منذ مجيء الزعيم إلى السلطة قد انقشعت"، وعبر رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد عن سعادتهِ بالانقلاب وقال بأن الزعيم "لقي المصير الطبيعي لأي ثورة لا تستند على أي أساس"؛وبينما تلكأت السعودية أعلنت مصر الحداد ثلاث أيام على الزعيم؛ أما على صعيد الصحف المصرية وكذلك عدد من الصحف الغربية، لاسيّما الفرنسيّة، فقد نعته مذكرة بالتشريعات التقدمية التي أقرّها وإصلاحاته الزراعية ووجهت أصابع الاتهام إلى بريطانيا والهاشميين، وبينما تشير المعلومات عن دعم هاشمي من العراق لاسيّما بالأموال للانقلاب تبقى فرضية تدخل المملكة المتحدة بالانقلاب ضعيفة.

شكل الزعيم أول انقلاب عسكري في الوطن العربي، دافعًا لخطوات مماثلة في عدد من الدول العربية الأخرى فيما يعرف بتأسيس "جمهوريات الضباط". "أثار الزعيم خيال الضباط الأحرار في مصر، فخلعوا الملك فاروق عام 1952". لم تخلّد الدولة السورية ذكرى الزعيم، بتسمية شوارع أو ساحات أو إصدار طوابع بريدية على اسمه. بينما أعدم على طريق المزة، لم يعرف موضع قبره حتى 3 يناير 1950، حين عثر على جثتهِ مدفونة "بثياب النوم التي اعتقل بها" في تابوت خشبي تحت كومة حجارة في منطقة أم الشراطيط قرب نهر الأعوج بدمشق، فنقلت إلى المشفى العسكري في المزة، ثم بسيارة عسكرية إلى مقبرة الدحداح، أغلى مقابر دمشق.لم تصادر الدولة السورية منزل الزعيم الذي امتلكه منذ أن كان قائدًا للجيش، ووافق البرلمان السوري على تخصيص راتب تقاعدي لأرملتهِ وأبنته، وهو ما استمرّ معمولاً بهِ لما بعد عهد الجمهورية الثانية. في 31 أكتوبر 1950 قتل سامي الحناوي في بيروت على يد محمد البرازي، ابن عم محسن البرازي رئيس وزراء الزعيم.
تطرقت الدراما السورية لشخصية حسني الزعيم في عدد من المسلسلات السورية، أبرزها الجزء الثاني من مسلسل حمام القيشاني عام 1995، حيث لعب فيه محمد الطيب دور الزعيم؛ كما ناقشت أعمال درامية أخرى فترة الجمهورية الأولى، وظهرت فيها شخصية الزعيم، منها مسلسل الدوامة من إنتاج 2008.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق