Breaking

الأربعاء، 27 فبراير 2019

انقلاب مارس 1963 في سوريا.. حزب البعث العربي الاشتراكي

خلال عام 1962، قضت اللجنة العسكرية لفرع الإقليم السوري لحزب البعث العربي الاشتراكي، في التخطيط للاستيلاء على السلطة، من خلال انقلاب عسكري تقليدي. قررت اللجنة العسكرية آنذاك السيطرة على الكسوة و قطنا، و معسكَرَين آخَرَين من معكرات الجيش، كما أن اللجنة العسكرية سيطرت على اللواء المدرع 70 في الكسوة، الأكاديمية العسكرية في مدينة حمص، و محطة إذاعة دمشق. كانت النظام يتفكك ببطء، و النخبة التقليدية كانت قد بدأت بفقدها للقوّة الفعالة، كان المتآمرون من اللجنة العسكرية من الشباب.حتى ينجح الانقلاب احتاجت اللجنة العسكرية لكسب تأيي بعض الضباط السوريين. انهيار الجمهورية العربية المتحدة، بالإضافة إلى التمرد، و حملات التطهير و عملياتن النقل في الجيش تركت الضباط في حالة من الفوضى الكاملة، و جعلهم قابلين للتحريض ضد الحكومة. في ذلك الوقت، تم تقسيم الضباط في خمسة فصائل مختلفة: فصيل دمشق الذي كان داعمًا للنظام القديم، و أنصار أكرم الحوراني، و فصيل ناصري، و فصيل بعثي، بالإضافة إلى بعض المستقلين. كان فصيل دمشق، عدوًا للجنة العسكرية، باعتباره داعمًا لنظام ناظم القدسي، في حين أن أنصار الحوراني كانوا منافسين بسبب مواقفهم المعادية للوحدة العربية، بينما كان الناصريون حلفاءً لحزب البعث. 
أدّى تحالف اللجنة العسكرية مع الناصريين، أدّى لنشوء اتصال سري مع راشد القطيني رئيس الاستخبارات العسكرية آنذاك، و العقيد محمد الصوفي قائد لواء حمص. أمرت اللجنة العسكرية مجموعةً من صغار الضباط بتجنيد الضباط المستقلين البارزينن كالعقيد زياد الحريري، قائد الجبهة السورية الإسرائيلية، بتجنيدهم لصالح قضيتهم. حققت مجموعة الضباط هذه نجاحًا، و أعطت الحرير عهدًا أنه "إذا نجحنا بإمكانك أن تصبح رئيس أركان، و إذا فشلنا يمكنك التبرؤ منا".أيّ الحريري اللجنة لأن ناظم القدسي، رئيس وزراء سوريا آنذاك، كان يخطط لتخفيض رتبته.

بينما كانت اللجنة تخطط للانقلاب، لاقى تحالف الحزب مع الجيش استياءً من قبل البعثيين المدنيين. و كان السبب في تحالف الحزب مع الجيش بالمقام الأول، هو ضمان حماية الحزب من القمع. كانت اللجنة العسكرية لا تحبذ القيادة المدنية للحزب آنذاك، المتمثلة بميشيل عفلق، الذي كان قد اعترض على حلّ الحزب خلال عهد الجمهورية العربية المتحدة، التي تشكّلت إثر الوحدة بين سوريا و مصر. بينما كان عفلق يحتاج اللجنة العسكرية، للاستيلاء على السلطة، كانت اللجنة أيضًا تحتاج عفلق، لتولّي السلطة، فبدون عفلق لن تتوفر أي قاعدة تأييد. في المؤتمر الوطني الخامس للحزب، الذي جرى في 8 مايو من العام 1962، تقرر إعادة تأسيس الحزب و الحفاظ على عفلق في منصب الأمين العام للقيادة الوطنية. محمد عمران، عضو اللجنة العسكرية البارز، كان حاضرًا في المؤتمر الوطني الخامس، و أخبر عفلق بنية اللجنة العسكرية حياله، وافق عفلق على الانقلاب، إلا أنه لم يجرِ أي اتفاق على كيفية تقاسم السلطة بعد الانقلاب.

ثورة الثامن من آذار، هو الاسم الرسمي الذي يطلق على الانقلاب العسكري الذي جرى في سوريا بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في 8 آذار 1963 ضد الرئيس ناظم القدسي والحكومة المنتخبة برئاسة خالد العظم، وذلك بسبب الرجعية والانفصال عن مصر. كان من نتائج الثورة، إلغاء حرية سياسية والاقتصاديّة وقيام دولة الحزب الواحد في سوريا وإنفاذ قانون الطوارئ منذ عام 1963 وحتى 2011 بعيد الانفاضة الشعبية كما فرضت الثورة تبني شعارات البعث وسياسته كشعارات عاملة للدولة السورية.
نتيجة التوتر في العلاقات بين الحكومة وحزب البعث قرر مجموعة من الضباط البعثيين في الجيش السوري الانقلاب على الحكومة واستلام السلطة، شارك في التخطيط أشخاص من خارج الجيش أمثال ميشيل عفلق المنظر الأساسي للحزب؛ واتفق قبل الشروع بتنفيذ الانقلاب حول طريقة تقاسم السلطة بعد نجاحه، على أن يكون لؤي الأتاسي رئيسًا لمجلس قيادة الثورة ورئيسًا للوزراء في اليوم ذاته. في صباح الثامن من آذار، تحركت الفصائل المنقلبة من الجيش في دمشق وحاصرت المقرات الهامة في العاصمة واعتقلت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأغلب الوزراء، وحدثت مناوشات عسكريّة غير أن فصائل الجيش في المحافظات اعترفت بسلطة الانقلاب بعد نجاحه، كما درجت عادتها منذ 1949. ثم أخذت الدول الاعتراف بالحكومة الجديدة كان على رأسها العراق البعثي ومصر الناصريّة وتولى الاتحاد السوفياتي إقناع المجتمع الدولي الاعتراف بالنظام الجديد، وقبل انتصاف النهار تألف مجلس قيادة الثورة برئاسة لؤي الأتاسي وجاءت تركيبته من عشرة ضباط.

في اليوم نفسه، دعا حزب البعث حلفاؤه من الأحزاب اليسارية إلى اجتماع في مقر وزارة الدفاع بهدف تشكيل حكومة مدنيّة انتقالية ولدت في صباح اليوم التالي برئاسة صلاح الدين البيطار، وكانت حكومة مدنيّة غير أن وزيري الدفاع والداخلية كانا من الضباط. يذكر أن مجلس قيادة الثورة، ومع استلامه السلطة أعلن حالة الطوارئ في البلاد وهي الحالة التي ظلت سارية المفعول لسبع وأربعين سنة لاحقة، كما عطل العمل بالدستور السوري ولم يتم وضع دستور جديد حتى 1973، كما صدر قرار بحل جميع الأحزاب المناوئة لحزب البعث مع الإبقاء على الحزب الناصري والشيوعي، ونفيت أغلب الطبقة السياسية السورية على رأسهم الرئيس القدسي ورئيس الحكومة العظم إلى الخارج سيّما لبنان، وشهد الجيش عمليات تسريح جماعية لضباط غير بعثيين، كما خرجت بنتيجة الانقلاب رؤوس أموال ضخمة إلى الخارج خوفًا من استيلاء الدولة عليها وفق السياسة الاشتراكية، بكل الأحوال، فقد شهدت البلاد عدة مظاهرات من بعثيين وناصريين مؤيدة للثورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق