Breaking

السبت، 12 أبريل 2025

قناة السويس: حكاية الحفر والتحدي والإرادة

قناة السويس: حكاية الحفر والتحدي والإرادة

بدء حفر قناة السويس

اللحظة التاريخية التي انطلقت فيها فكرة ربط البحرين — من قلب الصحراء خرج أعظم مشروع مائي في التاريخ

في 25 أبريل 1859، انطلقت واحدة من أعظم المشاريع في التاريخ الحديث: بدء حفر قناة السويس. من مدينة بورسعيد، وفي حفل بسيط شهد حضور مسيو دي لسبس و100 عامل من دمياط، ضُرب أول معول في الأرض ليعلن انطلاق الحفر في المشروع العملاق الذي سيغيّر خريطة التجارة العالمية.

بداية محفوفة بالمعارضة والتحديات

لم تكن البداية سهلة، فقد واجه المشروع معارضة من إنجلترا والسلطان العثماني، ما أدى إلى توقف العمل لفترة. لكن بفضل تدخل الإمبراطورة أوجيني، استؤنف الحفر في 30 نوفمبر 1859.

العمالة في المشروع

ارتفع عدد العمال المصريين إلى 330، مقارنة بـ80 عاملًا أجنبيًا، وتم الاستغناء عن الأجانب لاحقًا بسبب ارتفاع أجورهم واختلاف العادات. وفي عام 1860، ارتفع العدد إلى 1700 عامل، مما تطلّب جلب مزيد من العمال من بحيرة المنزلة، وبدأت أزمة نقص مياه الشرب التي رافقت المشروع طويلًا.

التحول نحو بناء البنية التحتية

في عام 1861، تم تطوير ميناء بورسعيد، وبُنيت منارة للإرشاد وكوبري لتفريغ الشحنات، كما أُنشئت ورش ميكانيكية ومصنع للطوب. ومع استمرار مشكلة المياه، تم التعاقد مع محمد الجيار لنقل المياه من المطرية.

مشاريع موازية لإنجاح الحفر

في أبريل 1861، زار الخديوي سعيد بورسعيد وأشاد بالتقدم، مما أدى إلى إرسال 3000 عامل لحفر ترعة المياه العذبة من القصاصين إلى نفيشة، والتي وصلت مياهها إلى بحيرة التمساح في 23 يناير 1863.

ولادة مدينة الإسماعيلية

في أواخر 1861، قرر الخديوي إسماعيل إنشاء مدينة الإسماعيلية، وطلب دي لسبس زيادة العمال إلى 25,000 شهريًا رغم تدني أجورهم. وفي 18 نوفمبر 1862، تم الانتهاء من القناة المصغّرة التي أوصلت مياه المتوسط إلى بحيرة التمساح.

نضال مستمر رغم الأوبئة

تفشّت الأوبئة مثل الكوليرا (1865) والجدري (1866)، إلا أن المشروع لم يتوقف. وفي 18 مارس 1869، وصلت مياه المتوسط إلى بحيرات مُرّة، ثم تم في 15 أغسطس ضرب الفأس الأخير الذي أكمل الحفر وربط البحرين في الشلوفة.

تكاليف المشروع وأثره التاريخي

تم استخراج 74 مليون متر مكعب من الرمال، بتكلفة بلغت 369 مليون فرنك فرنسي. شارك في الحفر أكثر من مليون عامل، وبلغت الخسائر البشرية نحو 125 ألف عامل. بلغ طول القناة 165 كم، وعرضها 190 مترًا، وعمقها 58 قدمًا.

خلاصة تاريخ قناة السويس

إن تاريخ قناة السويس ليس مجرد سرد لوقائع حفر قناة مائية، بل قصة ملحمية من التحديات والإنجازات. من مدينة بورسعيد إلى السويس، ومن فأس دي لسبس إلى آخر فأس في الشلوفة، تحوّل الحلم إلى حقيقة، وصارت القناة واحدة من أعظم إنجازات الهندسة المدنية التي غيّرت مسار التجارة بين الشرق والغرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق